السينما العراقية إلـى أيــن ؟
جمال شريف
لو قدر لأحد ما أن يتصدى لعملية إنتاج فيلم سينمائي عراقي بعد سنوات قريبة من الآن لوجد صعوبة بالغة في إيجاد الخبرة البشرية السينمائية ذات التقنية العالية التي من الممكن أن تنفذ له الفيلم بما يرضي الطموح وبقناعة معقولة. الانقطاع
عن صناعة السينما العراقية لفترة طويلة واضحة أدى إلى اندثار الخبرة التراكمية التي هيأتها السنوات الطويلة لمسيرة السينما العراقية التي عاشت بين العسر واليسر والظمأ والغيث تحمل فيها سينمائيونا الرواد عبئا ثقيلا ضحوا فيها بالغالي والنفيس ليحققوا أفلاما رائعة رغم قلتها إلا إنها تركت بصماتها في الذاكرة السينمائية العراقية بل إن منها ما ترك أثرا في الوجدان الثقافي والشعبي العراقي وظلت معلما ثقافيا مخزونا في علب معدنية نعود لنستذكرها عندما نريد صياغة الهوية الثقافية لمجتمعنا ومنها أفلام سعيد أفندي والحارس والظامئون ومن المسؤول وغيرها من ألأفلام التي مازالت صالحة للعرض حتى الآن بالرغم من تقادم إنتاجها.
عن صناعة السينما العراقية لفترة طويلة واضحة أدى إلى اندثار الخبرة التراكمية التي هيأتها السنوات الطويلة لمسيرة السينما العراقية التي عاشت بين العسر واليسر والظمأ والغيث تحمل فيها سينمائيونا الرواد عبئا ثقيلا ضحوا فيها بالغالي والنفيس ليحققوا أفلاما رائعة رغم قلتها إلا إنها تركت بصماتها في الذاكرة السينمائية العراقية بل إن منها ما ترك أثرا في الوجدان الثقافي والشعبي العراقي وظلت معلما ثقافيا مخزونا في علب معدنية نعود لنستذكرها عندما نريد صياغة الهوية الثقافية لمجتمعنا ومنها أفلام سعيد أفندي والحارس والظامئون ومن المسؤول وغيرها من ألأفلام التي مازالت صالحة للعرض حتى الآن بالرغم من تقادم إنتاجها.
ولكن ـ للأسف ـ توقف النشاط في جسد السينما العراقية، فالفنانون الرواد أرهقتهم المسيرة الطويلة واكتفوا بما قدموه فبعضهم آثر الركون إلى جانب الراحة ومنهم من أوقفت نشاطه إدارة السينما في الماضي وللأسف فهناك حاليا من يقف ضد فسح المجال لهم لتقديم إبداعاتهم وقد بات الأمر واضحا إلاّ هنالك قصديه في إيقاف مسيرتهم وتحاك ضدهم المؤامرات في زمن كنا نتأمل أن لاتكون الارتباطات الأيديولوجية الفيصل في التعامل مع الفنانين. لذا فقد تعطلت وجوه مهمة وابتعدت عن إستديوهات الإنتاج السينمائي ومنهم من ابتعدوا عن الحياة أصلا لذا لم يتبق من الخبرة الحقيقية في مجال صناعة السينما التي من الممكن ألاعتماد عليها بشكل احترافي سوى عدد قليل في كل تخصص في مجال صناعة السينما من مخرجين ومدراء تصوير ومهندسي صوت ومونتاج وكتاب سيناريو وفي بقية الاختصاصات ألأخرى.وأصبحت محصلة إنتاج الشريط السينمائي العراقي صفرا ثابتا لسنين تعد طويلة في حياة الأمم ما بلغ الإهمال في صناعة السينما حد التدمير.
لقد تطورت أساليب إنتاج الفيلم السينمائي بما يقلل الكلفة حيث توفرت الآن إمكانية التصوير بأجهزة تصوير فيديو متطورة قادرة على إعطاء نتائج مقاربة لعمق الصورة السينمائية التي تحققها الكاميرا السينمائية ثم يصار إلى تحويلها إلى شريط سينمائي احترافي حجم خمسة وثلاثين ملم كي يعرض في صالات السينما. والسؤال المحير هو: لم يحدث هذا التوقف في صناعة السينما وخصوصا إن العراق يمتلك مقومات عظيمة؟ فالعراق بلد له تاريخه الحضاري ومخزونه الثقافي والتراثي واسع ومتنوع و يجب أن يقدم للسينما العالمية كونه يشكل هوية مميزة ولونا إنسانيا رفيعا يخدم الفكر الإنساني إذا ما قدم للعالم بروحية إنسانية وبقراءة وطنية وبتقنية سينمائية عالية. وأكثر ما يحير في مسألة وقوف عجلة إلانتاج السينمائي في العراق إن الكثيرين نسوا الحديث عن صناعة السينما في العراق وصاروا يكتفون بإنتاج المسلسلات التلفزيونية معتقدين إنها الحل حيث اختلطت ألأمور على بعضهم. ترى إذا طال السبات السينمائي العراقي فكيف سيخرج إلى العالم لاحقا؟ فالدول التي لا تتواصل في إنتاجها السينمائي ستجد صعوبة كبيرة في الظهور إلى العالم وتضيع كل الجهود الخيرة التي قدمها سينمائيونا الرواد وستكون المنافسة أصعب على الجيل الجديد كلما طال الزمن كون الإستديوهات العالمية بنت صناعتها وهويتها السينمائية بشكل راسخ وليس من السهل منافستها. وستكون هنالك فجوة كبيرة بين ماضي السينما العراقية ومستقبلها مما سيجعلها تبدأ للأسف من الصفر من جديد وهي التي قدمت تجارب سينمائية كان من المفروض أن تكون مدرسة للأجيال الحالية والقادمة إذا ما تواصلت العملية الإنتاجية بطريقة التسليم والتسلم من جيل إلى آخر.
ما العمل إذا لإصلاح هذا الحال. أعتقد من المفروض أن يصار إلى مؤتمر للسينمائيين العراقيين الذين لهم باع كبير في صناعة السينما العراقية ومن لديهم الطموح في دفع عجلة السينما للأمام تشرف علية وزارة الثقافة كي يصار إلى معالجة الواقع السينمائي الحالي الغائب عن شاشة العرض منذ عهود وإجراء دراسات وبحوث بشكل منطقي وموضوعي وصولا إلى مقترحات عملية يقدمها أصحاب التجارب وأتمنى أن يدعى فيه أصحاب رؤوس الأموال العراقية المثقفة كي تساهم في بلورة اقتصاد سينمائي فعال.وبات من الضروري جدا أن يصار إلى فصل دائرة السينما عن المسرح فهذا الربط غير المنطقي بين السينما والمسرح في العراق لانجده في معظم بلدان العالم فقد أثر هذا الربط في جعل السينما دائرة صغيرة هامشية تابعة وذيليه للمسرح القومي وخصوصا إذا أخذنا بنظر الاعتبار إن مدراء مؤسسة السينما والمسرح في العراق معظمهم ذوو خبرة واهتمامات مسرحية أكثر مما هي سينمائية مما يعيق إبداعهم في دعم السينما فهم على الأقل يحتاجون إلى أعوام من الخبرة في مجال السينما كي يبدؤوا الثقة بأنفسهم والتجرؤ لتحمل مسؤولية إنتاج فيلم سينمائي، وعندها ربما يكون قد فات عليهم الأوان وتم نقلهم إلى دائرة أخرى أو إحالتهم على التقاعد. عليه ومن الضروري جدا أن تكون لدينا مؤسسات سينمائية متخصصة منتشرة في العراق يديرها أهل الاختصاص والخبرة الطويلة ممن يعرفون كل خفايا الصنعة ويفضل أن يكون لديهم علم ودراية وأن يكونوا ممن لهم علاقات بالمؤسسات العالمية للسينما بحيث ممكن أن نعتمد عليهم في تجسير الفجوة بين السينما العراقية والسينما العالمية بما يخدم السينما العراقية والفنان العراقي عن طريق إنتاج أفلام مشتركة.كما يجب تطوير الكوادر السينمائية العراقية عن طريق فتح دورات لهم داخل العراق وخارجة وإشراكهم في أفلام عالمية لبناء جيل سينمائي جديد. وكذلك تجهيز المؤسسات المقترح انشاؤها بما تحتاجه من تجهيزات سينمائية حديثة والتي هي غير مكلفة أبدا ومنها إنشاء معامل التحميض والطباعة وتشييد بلاتوهات سينمائية وصولا إلى بناء مدينة للسينما توفر المناخ المناسب للتصوير فيها...إن بعض البلدان ولأهمية صناعة السينما لديها رأت أن تؤسس مراكز قومية لصناعة السينما، لذلك رفعت من شأن صناعة السينما في بلدانها كثيرا كونها تدرك أهميتها من كل النواحي فاعتبرتها جزءاً مهما من المشهد القومي وهوية ألأمة فعلام هذا ألإهمال للسينما في العراق !؟
ومن الضروري جدا أن يصار إلى طباعة ألأشرطة السينمائية العراقية القديمة على أشرطة فيديو وأقراص دي في دي وتشجيع عرضها بأسعار مناسبة على شاشة الفضائيات العربية والعالمية كي تسجل حضورها ولكي يظل الفنان العراقي في ذاكرة المشاهد فليس من المعقول أن ترفع تكاليف العروض السينمائية العراقية بحيث تفاجأ الفضائية بارتفاع أسعارها إذا ما فكرت عرضها ولو لبضعة دقائق فسياسة رفع تكاليف العرض والتسعيرة التي وضعتها الوزارة لاتجدي نفعا ولا تخدم السينما العراقية وكم اصطدمت البرامج السينمائية في الفضائيات بارتفاع ألسعار. فالمفاضلة يجب أن تكون لصالح انتشار حضور الفلم العراقي وليس الكسب المادي الذي ضيع علينا الوقت وغيب الفنان العراقي من الفضائيات العربية والعالمية. فنحن بحاجة إلى أن يرى العالم كوادرنا السينمائية وصناع السينما من مخرجين وممثلين ومصورين وكل المجالات التي تتطلبها صناعة السينما.
وعليه فان البداية الناجحة لإعادة الدم في جسد السينما العراقية هو بالاعتماد على الرواد السينمائيين الحاليين المتواجدين في العراق وخارجه والاستفادة من تجاربهم ومسيرتهم وخبرتهم كي تكون البداية مثمرة ومؤثرة وان أي تأخير هو ـ للأسف ـ إضافة مسمار جديد في نعش السينما العراقية ويجب شطر دائرة السينما عن المسرح. كما يجب أن يدعم القطاع الخاص وان ينظر إليه كجزء متمم لمؤسسات الدولة وتهيئة إمكانات الدولة لصالح سينما القطاع الخاص بما يدعمها ويؤهلها ويساعدها على المساهمة بالنهضة السينمائية.
الصباح