السبت، 28 يونيو 2008 

العالم بعين سينمائية واحدة

احمد ثامر جهاد



ما انفكت السينما الأمريكية عن التواصل في إنتاج المزيد من الأفلام التي تصور الأمة الأمريكية ممتحنة بحروب وكوارث وصعاب واعتداءات شتى، سواء من سكان الأرض بمختلف أجناسهم ومذاهبهم أو من مخلوقات الفضاء الخارجي المفترضة والغريبة.
وقد درجت العادة ان تحدث على الشاشة الكبيرة تصفية حسابات آيديولوجية وسياسية في إطار قصص سينمائية أدمنها المشاهد وباتت نهايتها المفبركة معروفة للجميع.

ومع وفرة هذه الأفلام المبالغ فيها نكاد نجزم انها تتشابه (إن لم نقل تتناسخ) في تأكيدها وإعادة إنتاجها لثيمة الإرادة الاستثنائية للأميركيين في مواجهة أي خطر خارجي يتمثل بدول معادية أو تهديد داخلي تمثله جماعات إرهابية أو مافيات سياسية عميلة. وتلك المعالجات السينمائية بمجملها برعت على مدى العقود الماضية في تقديم صورة نمطية مغرية للبطل الأمريكي. بطل أسطوري، معقد وسطحي في آن واحد، تختزل صورته السينمائية كل القراءات الممكنة في نموذج تسويقي يمكن عده في المحصلة النهائية رمزا من رموز الثقافة الشعبية الأميركية وجزءاً حيويا من ميكانزماتها المتغيرة تبعا لمؤثرات سياسية وأخلاقية عديدة.وإن اختلف من مخرج إلى آخر إلا ان هذا النمط من الأفلام يلتقي غالبا عند فكرة الترويج لصورة أمريكا المعتدى عليها من قبل عدو همجي ناقم على حضارتها ورفاهيتها. وحيث تعد الولايات المتحدة كعبة العالم الحديث ،فالأشرار كما تراهم هوليوود لابد أن يكونوا من صنف اؤلئك المختلين والحاقدين على تطور البشرية وازدهارها في دول الغرب. وإذا ما اقتضى الصراع القائم بين الأميركيين وخصومهم تدخلا حاسما وأسطوريا، فان الرئيس الأمريكي نفسه لن يتأخر عن توظيف عضلاته لمنازلة الخصم اللدود وان جرى ذلك على متن الطائرة الرئاسية الأولى كما فعلها قبل سنوات النجم هاريسون فورد.

صورة واحدة للعالم
المتابع لهذا النمط من الأفلام الأمريكية الرائجة تجاريا سيصاب لا محالة بنوع من الدوار والامتعاض من طغيان مشاهد العنف والدم ،وستطارده كوابيس مزعجة من وحي سيناريوهات لا تحتمل، كما ليس من المستبعد ان يشعر مع تقادم الوقت بعقدة مزيجة من الدونية والضعف والخوف،لا لشيء إلا لكونه غير أميركي. وبقدر ما يحق للأميركيين الفخر بتاريخ أمتهم ومكانتها ونفوذها فان واقعية الحلم الأميركي المشفوع بأكثر الأفلام السينمائية انتشارا وتأثيرا في جمهور المتلقين لا يسعها الاستمرار من دون الإبقاء على وجود (الآخر )، ذاك المجهول الساعي دوما إلى سلب الأمريكيين نعم حياتهم ومصادر قوتهم، خاصة بعد أن رسّخت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الذهنية الأميركية واقع الحياة المهددة من قبل (الآخر) القريب أو البعيد على حد سواء. اليوم هنالك فقط صورة واحدة للعالم يجري تداولها في وسائل الاتصال العالمية بنكهات مختلفة، فيما بقية دول العالم في الغرب أو الشرق اصطفت (في أدائها السياسي والإعلامي والشعبي) في ضفة متقاربة إزاء تلك الصورة وجعلت من (الآخر) منبعا للشر المحض بعد ان منحته السينما الأميركية (قبل وبعد أحداث سبتمبر 2001) ملامح وهوية متخيلة حينا وواقعية حينا آخر، لكنها بكل الأحوال، صورة مؤثرة لن تقبل الجدل. بشكل أو بآخر أصبحت تلك السرديات السينمائية اقرب إلى ما يصفه المفكر ”ادوارد سعيد“ بـ(المُعتَمد المُكرَّس) وهو المفهوم الذي يشير إلى نمط من التصورات والمعتقدات التي رسخت بوصفها صحيحة وموثوقة ومقدسة تاليا. من هنا تصبح بضاعة هوليوود البراقة هي العين الوحيدة الممكنة والجذابة التي سترى الأجيال البشرية من خلالها صورة العالم الراهن في أطره المرسومة، والتي ستزداد رسوخا ومصداقية كلما اتسعت دائرة العنف وتصاعدت وتيرة الإرهاب في غير مكان من عالمنا هذا. لا يحب الله سوى أميركا
إذا كان (الآخر) المصاغ بصور مختلفة في السينما الأمريكية هو ذاته عنصر التشويق الدرامي الذي يمسك بكل خيوط الحكاية الفيلمية ويمنحها مغزاها وتأثيرها المطلوب، فان محاولات إبدال أطره الخارجية أمر ضروري أدركته السينما بوقت مبكر منذ فيلم (الوصايا العشر) للمخرج سيسيل دي ميل الذي كشف عن شغف الأميركيين برواية الأصول التاريخية والأسطورية المنتقاة بحس كولونيالي يواصل صيرورته في قهر الخصوم ولو في عقر دارهم.
ان صورة الفلم الأمريكي التقليدية التي تعرضت لضربات موجعة على أيدي مخرجين سينمائيين كثر من بينهم (اوليفر ستون وفرانسيس كوبولا وترنس ماليك وديفيد فينشر وآخرون) ما زالت حتى الآن (بل أكثر من أي وقت مضى) مفرطة في إعلانها عن احتقار كل ما هو غير أمريكي لأنه طارئ ومريب ومبتذل ووافد من العالم القديم،وربما الأهم لان الله أوكل لأمريكا وحدها تحديد مصير العالم منذ رسالة الآباء المؤسسين. وما عادت ثمة مسافة فاصلة يمكن التوقف عندها لفحص الحقيقة في أكاذيب ارنولد شوازينغر لأنها حقيقية ولأنه بها استطاع التحليق من شاشات هوليوود إلى سدة حكم ولاية كاليفورنيا ،وبالتأكيد بعضلات سينمائية مُجَرِبة. وبذلك الحس الأبوي لم تنفك آلهة الكون عن رعاية بطلها الأمريكي باعتباره بطلا للجميع ومن اجل الجميع وان اختلفت تحديات ونتائج أسفاره. فهو وحده من يمكنه النجاة من مصيدة الموت الوشيك في اللحظة الأخيرة (الأمريكية بامتياز) في حين تضل القذائف النووية طريقها إلى البيت الأبيض وإن أطاحت ببعض ملاهي لاس فيغاس البراقة،فقد استجابت السماء في النهاية لصلوات أبناء العم سام الذين يضحكون في سرهم عند استعادة تاريخ طويل زاخر بسحر الصور الكاريكاتيرية التي تظهر خصوم أمريكا من الدب الروسي إلى العمائم الإسلامية مرورا بالتنين الصيني،ناهيك عن مخلوقات المخرج رولاند ايمريش الساعية لتدمير أمريكا والسيطرة على العالم.

وجه آخر للصورة
مؤسسة هوليوود كانت استمدت قوتها وتأثيرها من الاعتماد على مستوى تقنياتها الفائقة ورعت بذلك أفكار السياسيين الأميركيين،مثلما حمت بحماس قل نظيره الذاكرة الأمريكية المفعمة بالتحديات والأمجاد من شتى ضروب التهديد . وقد نجحت إلى حد كبير في جعل الفيلم الأمريكي دون غيره وفي حلبة منافسيه ضربا من التذكر الأصيل يعيد صياغة الواقع على هواه إلى الحد الذي يحفز استعداد المتلقين للتماهي مع صورة للعالم مضمخة بالغواية والانقياد والإذعان لإرادة واحدة. لكننا نشهد اليوم بالتزامن مع اتساع حروب أمريكا ونزاعاتها العسكرية لاسيما في العراق وأفغانستان ظهور رؤية سينمائية أخرى تعيد اكتشاف قتامة عالمنا وبؤسه على نحو واقعي معبر يخلو من قصص البطولات الكلاسيكية ويعرض الجراح الأمريكية خارج أطار السيطرة على الوقائع والتلاعب الماكر بها. تلك الأفلام (وهي ليست قليلة بالطبع) ترتكز على تقاليد فنية وثقافية راسخة في معارضة شروط الإنتاج الهوليوودي والخروج على البروباغندا الإعلامية للمؤسسات المالية الكبرى.وجدير بالذكر ان بعض هذه الأفلام السينمائية قد حملت تواقيع مخرجين كبار اجتهدوا في تقديم رواية مغايرة للأشياء والوقائع كما في فيلم (رَوقب) للمخرج بريان دي بالما الذي يتناول الحرب الأمريكية على العراق.

الصباح

 

لو لم يكن مارادونا لاعب كرة، لكان ثائراً


















(لو لم يكن مارادونا لاعب كرة، لكان ثائراً)

إمير كوستوريكا



تقديم وترجمة: علي كامل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"كثيرة هي الكتب التي كتبت عني وعديدة هي الأفلام التي صورتني، لكنها جميعاً أظهرتني إنساناً شريراً وسيئاً وعادياً للغاية بغية الإساءة لي. أما كوستوريكا، فقد إستطاع أن ينفذ إلى أعماق قلبي، أن يتحدث عني ومعي ليستكشف اللحظات الجميلة والسيئة في حياتي".
مارادونا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"مارادونا لكوستوريكا" هو عنوان الفيلم الوثائقي الأول للمخرج السينمائي البوسني ـ الصربي إمير كوستوريكا، والذي يشارك في الدورة 61 الحالية لمهرجان كان السينمائي خارج المسابقة الرسمية.

مارادونا وكوستوريكا غنيان عن التعريف، الأول هو "الطفل الذهبي" كما يحب شعوب أمريكا اللاتينية مناداته، والذي ترك بصمته الراسخة كأفضل لاعب كرة قدم في العالم بعد هدفه الشهير الذي حققه ضد فريق إنجلترا في بطولة كأس العالم عام 1986، الهدف الذي يسميه كوستوريكا "هدفٌ من أجل ترسيخ العدالة".
أما إمير أو "الغجري الأخير"، فهو أمل السينما الأوربية والعالمية على حد سواء، والذي سبق له أن فاز بسعفتين ذهبيتين في مهرجان كان عن فيلميه: "حين كان أبي في رحلة عمل" عام 1985 وفيلم "أندرگراوند" عام 1995(1). وفيلمه الجديد عن مارادونا هو الفيلم الوثائقي الأول له.
مارادونا وكوستوريكا هما بمثابة إلتحام متجانس لعبقريتين خالصتين في ميداني السينما وكرة القدم.

كان كوستوريكا قد بدأ العمل على هذا الفيلم منذ عام 2005 والذي كان ثمرة لدعوة وجهّها المخرج لدييغو مارادونا لزيارته في منزله في صربيا، تلك الزيارة التي أسست لعلاقة حميمة وصادقة بين إثنين مشاكسين للسائد، والتي توجت أخيراً بمشروع عمل الفيلم هذا.
كان كوستوريكا حينها قد أجرى حواراً طويلاً وعميقاً مع مارادونا في لقاء تلفزيوني قال فيه للصحفيين يومها:"إن مارادونا فتح لي قلبه".
لم تجري عملية إنجاز الفيلم بيسر، فقد توقف العمل على الفيلم أكثر من مرة لأسباب كثيرة لامجال هنا للبحث فيها، إلا أنه أستؤنف فيما بعد بحماسة شديدة وتم الإتفاق على أن يتزامن إكمال الفيلم مع إفتتاح مهرجان كان الحالي.

يقول كوستوريكا بشأن فكرة الفيلم أثناء فترة التحضير والتصوير له: "ربما سيكون هو الفيلم الأول الذي يعالج كل جوانب حياة مارادونا. وسيكون العمل عليه معقد جداً بالطبع لأنني أريد أن أظهر الشخصية الحقيقية لهذا الإنسان.
الفيلم يتناول ثلاث شخصيات لماردونا تلك التي إستطعت إكتشافها أثناء عملية التصوير: الأولى، معلم كرة القدم ولاعبها الخلاق، والثانية، المواطن الأرجنتيني المشاكس للسياسة الأمريكية أحادية الجانب. وأخيراً، الإنسان المولع بالحياة العائلية بثبات.
ستتجلى هذه الشخصيات الثلاث تماماً في نهاية الفيلم والتي سأصورها في ملعب "آزدك" في المكسيك، المكان الذي سجل فيه مارادونا أحد أشهرالأهداف خلال بطولة كأس العالم عام 1986 ضد المنتخب الأنگليزي".

كان كوستوريكا يؤكد في كل لقاء يجرى معه على أنه سيُظهر الصورة الحقيقية لهذا اللاعب الأرجنتيني الذي وصمته الصحافة الصفراء في السنوات الأخيرة بالإدمان على الكحول والمخدرات والشراهة في الأكل.
سيعكس الفيلم أيضاً، حسب كوستوريكا، الرؤى السياسية الخلافية لمارادونا، إنتقاده وشجبه لسياسة الولايات المتحدة إلى جانب إعجابه بحركات التحرر في أمريكا اللاتينية ممثلة بأرنيستو تشي جيفارا وفيديل كاسترو، اللذان هما من أقرب أصدقائه، كما يقول.

وكوستوريكا يشارك مارادونا رؤاه ومواقفه إزاء سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، وهو الذي كان قد شارك في موكب الإحتجاج ضد زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش للأرجنتين عام 2005، بمصاحبة مارادونا والرئيس الفنزويللي تشافيرز المعروف بموقفه الأنتقادي والأكثر راديكالية لإدارة بوش الأبن.
في الواقع ثمة إعجاب متبادل بين الإثنين، فمارادونا معجب بكوستوريكا، ومصدر الإعجاب هذا ربما هو سحر وغرائبية العالم الذي صوره كوستوريكا في أفلامه.
من الممكن العثور على أكثر من قاسم مشترك بين الإثنين، ربما أحدها ذلك التماهي بين الحياة الهامشية لشعوب دول البلقان وبين الأحياء الفقيرة في بوينس آيرس. المشترك الآخر، معالجة كوستوريكا لموضوعة "الموت" التي يقابلها عند مارادونا تجربة الموت التي قاساها، فمعروف للجميع أن مارادونا قد تعرض لموت سريري إستغرق مدة أربع دقائق وبعث ثانية إلى الحياة.
في أفلام كوستوريكا نجد الشخصيات تموت ثم تبعث ثانية من جديد دون أي تفسير، وهو يضعك أحياناً في موقف ملتبس تحار دون معرفة أنهم أحياء أم موتى!.

مارادونا نفسه كان يفكر بالموت كثيراً، وكان كثيراً مايكرر في أحاديثه جملة "في الفترة التي مّت فيها" أو حتى "في الفترة التي مّت فيها حقاً".
الموت السريري لمارادونا أذهل يومها علماء الطب وأصدقائه، فأعتبروا نجاته بمثابة "معجزة إلهية".
كوستوريكا معجب هو الآخر بمارادونا وقد عبّر عن حبه وإمتنانه لصديقه بهذه الكلمات الحميمة قائلاً:"أنا معجب بقلقه حول مايدور في العالم، معجب بمرحه وإنسانيته".
وهكذا فقد شيّدت هذه القواسم المشتركة بينهما صداقة حميمة وفريدة من نوعها، حيث التماهي بذات الرؤى في السياسة والثقافة والحياة عموماً.

ثمة صديق ثالث إنضم للمشاركة في هذا الفيلم هو المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي الباسيكي مانو تشاو، المعروف بإهتماماته الجادة بمواضيع العالم الثالث الرئيسية كالفقر والعنصرية، والتي كثيراً ماإستخدمها وبشكل مكرر في أغانيه، فضلاً عن مشاركته الإثنان ذات الموقف السياسي إزاء الولايات المتحدة الأمريكية.
وحول مشاركته في الشريط الموسيقي للفيلم يقول مانو:" إلتقينا نحن الثلاثة في ناپولي وطلب مني إمير أن أغني (سانتا مارادونا) لكنني لم أحبذ الفكرة، لذا قمت بتأليف وتلحين أغنية جديدة خاصة بالفيلم هي بعنوان (الحياة مغامرة)".

عموماً، يمكن للمرء أن يتوقع من كوستوريكا فيلماً مشاكساً "سياسياً" آخر، ومن المحتمل جداً أن يكون رائعة سينمائية أخرى تضاف إلى رصيده الألق.


***

"الفقر أقدم من الغنى"

" ثمة أولاد زنى يقفون دائماً في صف واحد من أجل أن يسحبونك إلى الأسفل بإتجاه الأرض.
ينبغي علينا أن نحّلق عالياً بين الحين والآخر، وعلينا جميعاً أن نحس بتلك البهجة. وبدون ذلك نحن لاشيء". كوستوريكا



* الحوار أدناه هو حوار حميم جرى بين دييغو مارادونا وإمير كوستوريكا في صربيا عام 2006، حين كان مارادونو ضيفاً في منزل كوستوريكا، وقد نشر يومها في الصحيفة الصربية "السياسة".

كوستوريكا: (تعليق)
دييغو مارادونا إنسان كان يحس برغبة شديدة في الثأر لحظة توجيهه الكرة نحو هدف إنگلترا خلال مباراة كأس العالم عام 1986، ليس هو فحسب، بل السبعة عشر لاعباً الذين كانوا يقفون خلفه في تلك اللحظة، أولئك اللاعبون الذين قدموا من أجل إعادة الكرامة لكل الناس المهانين لسنين وسنين والذين كانوا بإنتظار لحظة الثأر هذه. لم يعد هناك لاعبو كرة قدم يقفون إلى جانب الفقراء بعد لاعب الكرة الألماني پاول بريتنر سوى مارادونا. إنه بالنسبة لي في تلك اللحظات القليلة والحاسمة، لم يكن يوجه الكرة نحو الهدف فحسب، إنما هدّفها نحو مارغريت تاتشر، رولاند ريغان، بريطانيا العظمى والملكة إليزابيث الثانية والأمير تشارلس، الپاپا بول جون الثاني، وطالما كرة القدم هي لعبة تخييلية، فيمكننا عندئذ أن ندرج إسم جورج بوش الأب والإبن إلى القائمة!.. وبالنسبة لمارادونا كان ذلك كافٍ جداً.
ربما يظن بعض الناس أن لاعبي كرة القدم هم أناس أغبياء. ربما الجميع حقاً يظن ذلك. صحيح إنهم غير متعلمين! لكنني مع ذلك لا أتفق مطلقاً بأنهم أغبياء، لإنه كيف كان بإمكانهم عمل كل تلك الملاييين من الدولارات في حساباتهم البنكية إن لم يكونوا أذكياء.
حين كنا في الموكب الإحتجاجي المتوجه نحو "مار دل بلاتا" في التظاهرة ضد بوش، وكان مارادونا ضمن هذا الموكب، إكتشفت أن پاول بريتنر لم يكن وحيداً يومها، وأن ماحدث في السبعينات لم يضيع إلى الأبد. في هذا الموكب لم يكن هناك مكان للغباء.الوضع كان على العكس تماماً.

مارادونا:
هل تعرف يا إمير أنني تعلمت كرة القدم في العتمة حين كنت صغيراً. كان ثمة ملعب لفريق من الفئة الرابعة يقع خلف منزلنا. كنت ألعب الكرة كل يوم. وحين كان يغادر بقية الأطفال إلى بيوتهم كنت أبقى لوحدي مدة ساعتين ألعب في تلك العتمة. لم يكن بإستطاعتي رؤية أي شيء في تلك العتمة! كنت أضرب نحو الهدف، كنت أوجه الضربات نحو عصاتين كبيرتين بحثاً عن الشبكة. بعد عقد من الزمن وحين وقعّت عقداً لأجل نادي "صغار السن الأرجنتينيين" أدركت أن الكرات التي كنت أضربها في تلك العتمة كانت متقنة وصحيحة تماماً.


كوستوريكا:
أنت ولدت في حي "فاڤل فيوريتو" الذي هو من أكثر أحياء بوينس آيرس فقراً. ينبغي علي هنا أن أسأل عما كان يدور في ذهنك، لأنك لم تنس أولئك الناس أبداً ، وبقيت معهم إلى الأبد...

مارادونا:
الفقراء لايخذلونك ولايتخلون عنك أبداً.. معظم أصدقائي خذلوني وأحدهم "كوبولو" مدير فريقي الذي سرقني وسلبني أموالي. أما أبناء الحي الذي كنت أعيش فيه في فيوريتو فقد بقوا مخاصين كما هم.
حي فيوريتو مكان حقيقي للفقر. ربما توجد الآن الكثير من الشوارع الإسفلتية هنا وهناك، لكن الفقر بقي نفسه مثلما كان يوم كنت أعيش في ذلك الحي.
السياسيون وأولئك القريبون من الحكومة أصبحوا أغنى وأغنى. أنا أيضاً أتيحت لي الفرصة أن أصبح أحدهم، لكنني رفضت وقلت لا. لأن ذلك يستلزم السرقة من الفقراء.
مرة واحدة فقط في حياتي تحدثت فيها مع أناس يشتغلون في السياسة في الأرجنتين، وقلت لهم كل شيء عما فعلوه، لكنهم لم يريدوا سماعي.

كوستوريكا:
بونو فوكس وبوب جيلدوف (2) لم يكونا شهيرين مثلك، لكنهم وظفوا تلك الشهرة جيداً لأعمال خيرية عالمية ولحملات الترويج لأغانيهم في نفس الوقت. أنت لم تفعل شيء من هذا القبيل.

مارادونا:
الأموال تسرق الوقت منك ولاشيء آخر!. ينبغي عليك الإحتفاظ فقط بشيء قليل من الكرامة وعزة النفس والعافية. أربعة وأربعون عاماً خلفي الآن ومازلت أدرك حقيقة أن الفقر مازال قائماً. إنني انظر بغضب وحزن إلى التفاوت المخزي بين أولئك الذين يملكون كل شيء، والآخرين الذين هم بلا أي شيء. إنها ليست مشكلة الأرجنتين فحسب، إنما هي مشكلة فنزويلا والبرازيل أو كوبا...
الأمريكان هشموا رؤوسنا ياإمير. أنظر مافعلوه في السبعينات. لقد قزمّونا مثلما أرادوا. إنني أتحدث بشكل مجازي بالطبع... لقد وضعوا نظاماً عسكرياً في الأرجنتين خلّف وراءه ثلاثون ألف قتيل. وبعدها، الشيء ذاته جرى في تشيلي ونيكاراغوا وغواتيمالا.
أولاً يضربونك وبعدها يتركونك تقاسي. لقد عادوا ومعهم الأرصدة والكثير من الأموال، وأنت بقيت مثل كلب وتعيش مثلما يعيش الكلاب. إلا أن ذلك لم يستمر طويلاً هكذا، وهم لايمتلكون الحق في فرض سياسات عدوانية كهذه علينا. بالعكس، تدخلاتهم السياسية ومساندتهم للأنظمة الفاشية في أمريكا اللاتينية وحّدتنا أخيراً. نعم، لقد توحّدت الأرجنتين والبرازيل وفنزويلا وعدنا مرة أخرى لنقول معاً وبصوت عال وواضح في وجوههم كل مانعتقده بذلك القاتل بوش.
أنا لاأعرف لماذا أحكي لك كل هذا أخي إمير وأنت تعرف كل ذلك، ألست على معرفة بذلك؟ ماهي مشاعرك إزاء ماقلته؟

كوستوريكا:
يعجبني مشهد تشارلي تشابلن حين كان يسير مرة في الشارع وإنضم بطريق الصدفة إلى تظاهرة كانت تجري هناك وناوله أحدهم راية!.
دعنا نتحدث عن العلاقات في داخل أمريكا. إن كنت أنا قد فهمت الأمور بوضوح، فأعتقد أنهم سحقوا أدمغتكم مثلما مافعلوا بشكل مشابه مع إتفاقيات البترول. لقد أعطوا أموالاً للمكسيك، وهيئوا فرص عمل لأكثر من ثلاثين ألف شغيل. بعض المكسيكيين يدفعون أجوراً جيدة، إلا أن الأموال ذهبت إلى بلد أخر وليس إلى المكسيك..

مارادونا:
نعم، ذلك صحيح تماماً! المكسيك أيضاً بلد فقير جداً، عدا أولئك الثلاثين ألف شغيل. السياسة الأمريكية فعلت الشيء نفسه في كل أنحاء هذا الكوكب، وهي ذات القصة دائماً. أخذوا الثمار وتركوك مجرّد أشلاء..

كوستوريكا:
إذن، ماالذي يمكن فعله إزاء كل ذلك. إنه الوضع ذاته منذ زمن الفراعنة والأمبراطورية الرومانية؟

مارادونا:
مالعمل؟ من الصعب تغيير الأشياء، إلا أن الشيء المهم هو أن بوسعنا أن نتحدث عن ذلك في الأقل. لسوء الحظ، الپاپا نفسه لايريد التحدث عن المشكلة، وحتى وأن فعل ذلك.. ليس في ذهن الپاپا سوى شيء واحد فقط: كيف يمكن الحفاظ على الڤاتيگان، تماماً مثل الأمريكان.
الڤاتيگان غني جداً ويمتلك نفوذ إمبراطورية قوية. جون پاول الثاني لم يكن في أفريقيا قط. لم يذهب إلى هناك لتقبيل الأرض وإطعام الأطفال الجائعين، ولم يكن في الأرجنتين يوماً. لكنه أخذ المئة وخمسين مليون دولار، المخصصة لعمل إعلانات تجارية لجهازالواقي المطاطي ( (condoms لتفادي إنتشار مرض الإيدز في أفريقيا.
الوكالة أعطت الأموال كلها للحملة الدعائية تلك، لكن الپاپا إعتقدَ أن ليس هناك حاجة ملحة للتوعية والدعاية للواقي المطاطي.! لذا فقد صادر تلك الأموال، وكل ذلك مدعم بوثائق الفاتيكان نفسه. ولم يكن بوسع أحد أن يتحدث عن ذلك بالطبع، ولم يشر أحد حتى ولو بإشارة عابرة كيف تخلى البابا عن أفريقيا.

كوستوريكا (معلقاً)
حين إقتربنا من "مار دل بلاتا" كان المحتجون نائمين، ويمكنك بشكل معلن وجلي ملاحظة أن التضامن كان شيئاً منسياً، تماماً مثل الشخصيات التي كنا نراها في أفلام السبعينات، حيث كانوا يفضلون الحفاظ على مصائرهم دون أي شيء آخر.
أعتقد أن كل كلمة نطق بها مارادونا تعبر عن قلقه وحرصه وفهمه لعالم اليوم.
كان ياماكان، كان هناك شخص شبيه بالرب، شيء ما شبيه بأسطورة جلجامش، تلك القصة الملحمية عن تحطيم رّب صنع من الطين.
منذ إن كان مارادونا هو الوحيد وساحر الكرة الأفضل في العالم، إلى اللحظة التي أغلقت فيها كل الأبواب بوجهه وهو يختنق. لقد أصبح لصيقاً بمكان لايمكنه فيه أن يتنفس، ولم يكن يعرف إلى أين يذهب. نعم لم يكن الهواء كافياً، ولم يخبره أحد أن سموّه وكبريائه هذا هو شيء غير مُؤمّن بالنسبة إليه!.
وهكذا إبتدأ يتعاطى الكوكايين، تماماً كما في جلجامش "إله الطين" يوم إرتطم بالأرض. لقد بدأ رحلة البحث عن نفسه مثل ذلك الرجل الذي ظهر في دعاية المعكرونة والذي يشبه رعاة البقر البدينين في جنوب أمريكا. وحتى وهو في تلك اللحظات الصعبة حاول العودة إلى مكان يستطيع فيه أن يتنفس الهواء الكافي، أن يكون "شخصاً سوياً" لكن ذلك أوصله إلى حالة من الموت السريري لأربعة دقائق.

لقد أصبح الحلم بعيداً! وها أنا شاهدٌ أجلس على كرسي بالقرب منه. إنني محظوظ جداً أيضاً لإنني أصبحت جزءاً من إسترداده لعافيته!. لقد تخلى الجميع عنه، سوى عائلته وفيديل كاسترو. عندما أغلقت مستشفى بوينس آيرس الأبواب في وجهه، تلقفه كاسترو.
بوسع الناس الظن أن مارادونا لايمكنه العيش مطلقاً بدون مخدرات لأنه لايستطيع تحمل عبء الشهرة، لكن ذلك ليس هو السبب الوحيد فقط!.
يمكن للمرء من خلال تأمله لسيرته الذاتية ملاحظة أن مارادونا لم يكن يهتم أو يعتني بنفسه، لكنه، وفي لحظة واحدة، يعرف كيف يتولى أمر نفسه.
حين أصبح لاعباً محترفاً عرض النادي الرياضي "ريڤر بلاتا" عليه الكثير من الأموال، لكنه رفض وذهب إلى نادي "بوكا جونيارز" هناك حيث حاول بعض مؤيديه إبتزازه بالتهديد، لكنه قاتلهم بضراوة. حين كذب عليه مدربه قام بتحطيم غرفة الملابس في الملعب. لم يكن المال بالنسبة لمارادونا هو "الحلم" مطلقاً، بل هو مجرد تبديد للوقت كما يقول..

مارادونا:
اتذكر حين كنت طفلاً يوم عاد والدي مرة من العمل وكان يومها لم يتقاضى مالاً يكفي لإطعام ثمانية أطفال. كنا ننتظره بصمت لأنه لم يكن لدينا طعاماً لنأكل. الناس لايمكنهم أن يفهموا ذلك، وأعني بالخصوص أولئك الذين لم يتضوروا جوعاً يوماً ما.
كان على شقيقتي تناول القليل من الطعام لكي توفر لي وجبة غداء. في جو كهذا أخي إمير تتفجر لديك حالات من التعاطف الإنساني والحب والشفقة، وقصص الطفولة تلك لايمكن أن تتلاشى هكذا بيسر.
كانت والدتي تختلق أوجاعاً في معدتها لكي توفر الطعام لنا، وكنت أراقبها على الدوام وهي تتطلع بحزن في أواني الطعام لتتأكد ثانية وثانية إن كان هناك طعاماً أم لا.
أمي، هي النموذج الساطع للفقر، نعم.. تصور أن أمك تكذب من أجل إطعامك. ربما البعض يظن أن هذا نوع من الخيال العلمي، لكن صدقني يا أخي إمير، هكذا كانت حياتنا، وأنا أقول لك الحقيقة.

كوستوريكا:
نعم إنه الفقر بعينه، وهوشيء محزن حقاً. المصيبة إن بعض الناس ينسون ذلك بسرعة. وأنت، كيف بقيت تحتفظ بكل هذه المشاعر من طفولتك.

مارادونا:
أنا لم أنسَ!. لاأستطيع أن أنسى! الفقر هو أقدم من الغنى! كان والدي يعمل في سوق كڤانتاكا، وكان دائماً يحمل على ظهره حقائب ثقيلة، حتى حين أصبح مسّناً. وحين يصل البيت كانت والدتي تضع قطعاً من الثلج على رقبته وظهره لتخفف من آلامه. أما نحن الأطفال فقد كنا نجلس حوله مثل القطط، وكان ذلك أشبه بنوع من الطقوس التي لايمكن أن تمحى من ذاكرتي...

كوستوريكا:
دعنا نتحدث عن الأرستوقراطية وسط الفقراء من الناس. ماهي الذكرى الأكثر جلاء لديك من فترة طفولتك؟

مارادونا:
الكرامة! الكرامة!. نحن لم نحتفل يوماً بعيد ميلاد لأحدنا لأننا لانملك المال لفعل ذلك. الأصدقاء والأقارب كانوا يمنحوك قبلة بمناسبة عيد ميلادك، وتلك القبلة كانت بمثابة أكبر هدية. بوسعي الحديث كثيراً عن البورجوازية والفقر، وأنا لاأضع أيّ فوارق مطلقاً، لكن هذا ليس شأن الآخرين الذين اصبحوا أغنياء. أنا ليس لدي أي شكوك أن الناس يتصرفون بشكل توفيقي لكي يكونوا قريبين من السياسيين، والسياسيون بدورهم يستخدمونهم حين يحتاجون لخدماتهم.
إذا أنت لم تتكيف مع صورة كهذه فانت مجنون. نعم، وأنا هو ذلك المجنون، وأفضل أن أكون مجنوناً ، وبعدها عليّ أن أتحمل ماسيحل بي.
أتعرف يا إمير إنني مت لأربع دقائق؟ بعدها فقط بدأت أعرف ماذا تعني الحياة...

كوستوريكا:
منذ أثيوبيا ومنظمة "لايڤ أيد" وبوب جيلدوف أغنى بكثير من ذي قبل. بونو فوكس نفسه على سفر دائم إلى كل أنحاء المعمورة في سعي لإقناع رؤساء الدول إلى إلغاء ديونهم على الدول الأفريقية. حتى أنه جرب مفاتحة بوش نفسه بهذا الأمر.

مارادونا:
شيء واحد أعرفه فيّ هو أن ليس لدي الشجاعة الكافية للتعامل مع بوش...
كوستوريكا:
لماذا؟
مارادونا:
لأنني لاأحبذ أن تناول الطعام مع سفاح.
كوستوريكا:
ماركيز قال لي مرة أنه بوسعنا قول أشياء كثيرة عن كاسترو، بإستثناء أنه كان حامي إرث الثقافة الأسبانية في أمريكا اللاتينية.
مارادونا:
نعم هذا صحيح، لكن الأرجنتين أصبحت جزءاً من الولايات المتحدة الأمريكية. الأرجنتينيون باعوا كل مايملكونه للأمريكيين، الجزء الجنوبي من الأرجنتين، المنطقة الخصبة والنقية من البلاد بيعت. لهذا فإن كل ماكان يتقاتل من أجله كاسترو فقدناه! بهذه الأموال أصبحنا مجرد أحد الأجزاء الأستعمارية لأمريكا، وها أنك ترى كيف توسعوا وإنتشروا في كل أنحاء الدنيا...

كوستوريكا:
وكيف قابلت كاسترو؟

مارادونا:
كنت قد حصلت على جائزتين في عام1987. واحدة في كوبا والأخرى في أمريكا. قلت للأمريكان:"يمكنكم الأحتفاظ بتلك الجائزة" وذهبت مباشرة إلى كوبا.
قابلت فيديل وتحدثنا لمدة خمس ساعات عن تشي جيفارا وعن الأرجنتين. بالطبع كنت فتىً حين قرأت عن الثورة وعن شجاعة جيفارا، وفيديل... لقد شعرت بالحب نحو فيدل حقاً!. أتخيله أحياناً مثل أسد وهو يقاتل من أجل بلاده. إنه السياسي الوحيد، إذا أردنا تسميته هكذا، الذي لم يفكر يوماً في السرقة من الفقراء.

***


(1) فيلموغرافيا : (إمير كوستوريكا: 1954ـ )

1981 (هل تتذكر دوللي بيل؟)
1985 (حين كان أبي في رحلة عمل)
1989 (زمن الغجر)
1993 (حُلم أريزونا)
1995 (تحت الأرض)
1998 (قطة سوداء، قطة بيضاء)
2001 (ثمان قصص رائعة) وثائقي
2000 (الفندق الأبيض)
2004 (الحياة أعجوبة)
2007 (أوعدني بهذا)
2008 (مارادونا).. وثائقي طويل


(2)
ـ بوب جيلدوف، موسيقي إيرلندي تحّول إلى ناشط سياسي. عام 1985 جمع بوب أربعين موسيقياً بريطانياً بضمنهم عازف الجاز والروك "ستينك" وعازف القيثار المغني وكاتب الأغاني "بول ماكارتني" لتنظيم حفل موسيقي خيري مليوني لصالح ضحايا الأيدز في أفريقيا. منح وسام الفارس من قبل ملكة بريطانيا ورّشح لجائزة نوبل.
ـ بونو فوكس (وإسمه الحقيق بول ديفيد هيوسن المعروف ببونو) هو مغني وكاتب أغاني وملحن إيرلندي عرف بكونه ناشطاً سياسياً ومدافعاً عن حقوق الإنسان وهو غالباً ماكان يستخدم الثيمات الشعرية والدينية والإجتماعية والسياسية في أغانيه. بونو هو أحد المؤسسين المشاركين لمنظمة (داتا) الخيرية متعددة القوميات والتي أسست عام 2002 لتقديم المعونات لشعوب أفريقيا. عزف بونو وغنى ونظم حفلات خيرية كثيرة وقابل العديد من الساسة الكبار.
رشح هو الأخر لجائزة نوبل ونال وسام "الفارس" في المملكة المتحدة وكذلك نال لقب (رجل العام) من قبل مجلة نيوز تايم الأمريكية.


***


علي كامل
لندن
alikamel50@yahoo.co.uk




مقالات ـ دراسات ـ نصوص اخرى is powered by Blogspot and Gecko & Fly.
No part of the content or the blog may be reproduced without prior written permission.
First Aid and Health Information at Medical Health